إن أسوأ ما قد يظهر منَّا خلقةً وخلقًا هو ما يخرج حين الغضب؛ ولذا كان أول ما يجب أن نعالجه هو السيطرة على ذلك المارد الذي يأخذ منَّا ولا يعطينا إلا الندم، لذا وجب علينا أولاً السيطرة عليه بـ..
- تسامح الغضب
- الإرادة
"أنا عصبي".. "لا أستطيع التحكُّم في كلماتي حين يتصرف أحد بغباء".
هذه هي الجمل وغيرها الكثير مما يبقينا كما نحن بنفس الخلق، ونفس ردود الفعل التي نندم عليها دائمًا، وفرصة التغيير شبه المستحيلة في هذه الحالة؛ لأن الشخص استسلم لكونه "عصبيًّا".
فأولى خطوات التحكُّم في الغضب هي: إرادة التغيير والتدريب والتنفيذ.
- محفزات الغضب:
كلٌّ منَّا له نقاط مختلفة عن الآخرين إن طرق عليها أحد ما استشاط غضبًا وانفعالاً، فعلينا أن نبحث عن تلك المحفِّزات، وندرك ضعفنا فيها.
إما لنتجنَّبها قدر الإمكان أو لنرفع درجة انتباهنا إلى أقصى تحكُّم ممكن على الغضب الذي سوف يعترينا، والمحفِّزات قد تكون (كلمة أو حركة أو فعلاً ما، أو الطرق على خبرة سلبية سابقة، أو المواعيد غير المنضبطة، أو المقاطعة أثناء الحديث أو..).
* لا تستجب:
"لا تغضب".. هكذا قال النبي لأبي الدرداء الذي جاء يسأله النصيحة، ولا تغضب هنا ليست نهيًا عن انفعال بشري.
وإنما سيطرة على ما يصاحب هذا الانفعال من سوء تصرف وخلق، فكان صلى الله عليه وسلم يدعو: "اللهم إني أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا" كما جاء في رواية الإمام أحمد.
وذلك يكون بأن نتوقف لدقيقة قبل ردة الفعل... دقيقة واحدة.. فلا نستجب فيها للغضب ولكن...
نتنفس في هذه الدقيقة بعمق.
نعد من 1- 10 كفرصة للتروي.
نفكر قبل التحدث أو الفعل.
طبعًا عدم الاستجابة السريعة ليست كبساطة الحديث عنها، ولكنها تدريب متواصل سنعاني فيه الكثير من الفشل حتى ننجح في ملك زمام نفوسنا فنلحق بركب الفائزين.
* سيطر على جوارحك:
دفع الأشياء بقوة أو غلق الأبواب في عنف أو الطرق الشديد على المناضد وغيرها من مظاهر الغضب غير المقبولة؛ لأنها غالبًا ما تصل بنا- ولو بعد حين- إلى دفع أو حتى ضرب أحد أفراد الأسرة!.
فإذا غضبنا فلنسيطر على جوارحنا حتى لو ظننا أن ذلك لن يؤذى أحدًا الآن.
* المشكلة لا الشخص:
لو ركَّز المتزوجون في حواراتهم لوجدوا أن كل الجمل فيها "أنت.." ثم يكتشفون أن الشجار تحوَّل إلى شجار حول طريقة وردة فعل كل منهما حول المشكلة وليس المشكلة نفسها؛ لذا حين نغضب فعلينا التركيز على (المشكلة) فنستخدم جمل: (المشكلة هي.. توقعت كذا.. لماذا وصلنا إلى هنا؟.. أنا غاضب لأن..) فنركِّز على المشكلة لا الزوج أو الزوجة.
* عد لنقطة البداية:
فلتبحث عن السبب الحقيقي وراء مشاعرك الآن، وما مشاعرك الآن فعلاً لا ما يبدو لك؟
وكيف بدأت المشكلة؟ وما أصلها؟ وما الذي أغضبك فيها فعلاً؟
هل الطرف الآخر سيئ إلى هذا الحد أم أنك تشعر ببعض التقصير كذلك؟ هل الأمر بهذه الضخامة أم أنه بدأ صغيرًا ثم ضخمناه؟.
* ما الذي تريده من زوجك بالضبط؟
أحيانًا يظل الغضب سيد الموقف؛ لأننا ببساطة لم نحدد ما نريد وما يرضينا.. لم نحدده حتى لأنفسنا فتظل المشكلة رغم بساطتها قائمة ومحورية في حيواتنا.
إحدى الزوجات تحكي وتقول: "اكتشفت بعد شجارات كثيرة وطويلة أني كنت أحتاج أن يقول لي زوجي إنه آسف... فطلبت منه ذلك فقال "أنا آسف يا ستي والله آسف"؛ فارتاح بالي وهدأت..
ويقول أحد الأزواج: "اكتشفت أني أُكثر التشاجر معها، وأتهمها بالتقصير الدائم؛ لأني كثيرًا ما أرجع إلى البيت فأجدها- رغم تجهيزها لكل ما أحتاج- نائمة، فطلبت منها أن أوقظها قبل قدومي بعدة دقائق فرحبت وانتهت المشكلة تمامًا".
* استرجاع القديم:
رغم أن مراجعة الدفاتر القديمة كما يقولون هو تخصص شبه نسائي، إلا أننا نمارسه جميعًا أزواجًا وزوجات، فنجتر به أخطاء أو خبرات سيئة مضت.
وأغلق عليها الستار ربما منذ سنين، وذلك أحد العوامل الرئيسية لاجتذاب الغضب لكلا الطرفين، فأحدهما سيغضب لتذكر إساءة قديمة والآخر كذلك.
* الاستشارة لا الاستثارة:
كثير منا يدَّعي أنه في محاولته للسيطرة على الغضب ومعالجة الأمور، يرفع سماعة الهاتف فيتصل بمن يعلم أنه سيقول "لا لا هذا أمر غير محتمل، كيف له أن يفعل ذلك؟
فعلاً شيء لا يصدق، أو ربما يقول أسوأ من ذلك.
وتلك الاستشارة بالطبع نتيجتها مزيد من الغضب والاستثارة ضد الآخر.
* اسأل عشرة أسئلة:
ما الذي أريده الآن فعلاً؟
كيف سيؤثر ما أفعل على هذه اللحظة والسنة والثلاثين سنة المقبلة؟
كيف يراني زوجي/ زوجتي في هذه اللحظة؟
كيف أريد أن أبدو في عينيه/ عينيها الآن؟
ما أجمل ما يسعدني من زوجي/ زوجتي؟
كيف أكون أجمل خلقًا وخلقة؟
كيف سيكتب تصرفي هذا في مذكرات أسرتنا؟
هل قصد/ت ما فعل/ت؟
هل أثير المرح في بيتي؟
هل تحريت تمام الصدق وأنا أجيب عن هذه الأسئلة؟
* أحصي النعم:
إن إحصاء النعم فن إيماني وإنساني للباحثين عن السعادة والراغبين في إظهار أفضل ما عندهم للآخرين؛ ولذا وجب علينا تعداد النعم حال الرخاء وحال الشدة.
وأن نجعل له وردًا، نذكر أنفسنا فيه بكل ما نستطيع من النعم؛ خاصةً تلك التي تتعلق بأزواجنا وأسرتنا.
وقد يستخدم البعض أوراقًا وأقلامًا، المهم أن ننتهي في آخر تعداد النعم إلى (الرضا)، فلا نتوقف عن الإحصاء حتى نجد في نفوسنا من الحمد والشكر ما يليق بها.
* بالإيمانيات تختلف:
"إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي"، هكذا قال الفضيل بن عياض وصدق، فالعبادات وترقيق القلوب المعين الرئيسي والأقوى؛ لأن القدر ينضح بما فيه، فإن كان الله فيه جعله الأجمل.
جدول محاسبة وتذكرة دائمة، مع درس في مسجد أو شريط والصدقات وغيرها؛ لها من الأثر ما ليس لغيرها وخاصة حين نتشاركها.
* اعتنِ بنفسك:
كما أن فاقد الشيء لا يعطيه، فإن الذي لا يهتم لنفسه ولا يعطيها حقها من الراحة والصحة والترفيه والزينة؛ لن يستطيع أن يستمر عطاؤه لمن يحب بشكل سوي، وسيجد صعوبة بعد بعض الوقت في أن يظهر أفضل ما لديه.
* التغيير
ولا نقصد التغيير للزوجات فقط بل هو للزوجات والأزواج على السواء، ويكون في أمور داخل المنزل وخارجه.
ممارسة عمل حركي إن كان يغلب علينا العمل الذهني أو المكتبي، وعقلي إن غلب العمل الحركي على حياتنا، الاستعانة ببعض أوقات الهدوء أو استجلاب بعض الضوضاء الاجتماعية من أهل وأصدقاء وغيرهم.
* ما يريده لا ما يحتاجه:
حين نتعامل مع بعض الناس وخاصةً الأقربين منهم مثل الزوج والزوجة والأبناء، فإننا نميل إلى الإملاء عليهم بما يحتاجونه أغلب الوقت.
وكثيرا ما نحاول إجبارهم على بعض الخيارات التي نراها ويراها آخرون الأصوب والأصلح؛ ولكن تلك الإستراتيجية غالبًا ما تنتج علاقات متوترة ولو توترًا تحت السطح لا يظهر سريعًا.
وقد يكون فعلاً رأينا هو الأصوب؛ لكن طريقة إدلائنا به وتنفيذه قد تؤدي إلى خطأ أكبر من ذلك الذي خفنا عليهم منه في البداية...
فيظل لنا حق النصيحة ولهم حق الاختيار والشعور بثقتنا فيهم وفي حسن اختيارهم...
فقبل أن نفكر فيما يحتاجه الزوج/ الزوجة فلنفكر فيما يريد، فربما ما يريد كان أكثر راحة له وسعادة في علاقتنا مما يحتاج!.
الكاتب: أسماء صقر